الجمعة، ديسمبر ٢٢، ٢٠٠٦

حيينها أدركت

حيينها أدركت
.
.
تمر الأيام من حولنا وقد نواجه ما يلقى بنا في دائرة الحيرة نخرج من أمر ليتطرق بنا إلى أمر أخر ونذهب إلى ما حيث يخرج بنا إلى طريق غير الذي سلكنا ، فهل من القدر غير هذه الحيرة أم هي الدنيا تموج بنا فلا ندرك مالها ولنا إلا بعد انقضائها.


ليت الأمر لا يشق عليكم كما كان منى.


اجلس في عملي مترقباً ما يدور من أحداث متسائلاً هل من جديد ؟ ، احب عملي كما أراه يحبني إلا انه لا يخرج ما بداخلي إذا لزم الأمر ذلك فان ما بداخلي لا يسعه العمل وقد لا تسعه الدنيا بأسرها .

أمامي صديقي العزيز الذي قلما يفارقني إلا وأنا جالس مع زوجتي وطفلتي ، انظر إليه أكلمه كعادتي معه وأساله هل من مبدد لما بداخلي فتنقله آلي ؟ هل لك أن تخرج شيئاً مما اشعر به ؟ نظر إلى طويلاً ثم أراه يسألني ما هذا الذي يحيك في صدرك من أمر وحيرة أراهما في عينيك؟ أقول له

ماذا أردت أنا في هذه الدنيا؟ هل كانت بغيتي السعي وراء المكاسب المادية لأحقق لنفسي ومن حولي الرخاء ؟ ، أم هل سعيت أنا وراء أهوائي لأجمع كل ما هو متعلق بشخصي أنا ؟ أم تراني الهوا والعب بلا طائل في هذه الدنيا فإذا جاء سهم النهاية استرجعت ما مضى من عمري أمام عيني لأرى نفسي وقد انتهت حياتي بلا مقابل اجنيه بعد موتى ؟ ابسط لك القول لعلك تدرك ، هل أعيش أنا حياتي بأرخص ثمن ؟

تردد صديقي كثيراً بعد كل هذه الأسئلة ووقفت صفحاته عاجزة أما كل هذه الأوامر أراه الآن يريد منى أن أعيد تشغيله ولكن للأسف الشديد ليتني أستطيع إعادة صياغته كما احب أنا و أريد فيكون لحماً ودما يشعر بما اشعر أنا به ثم بعد ذلك يجيبني .

انتهت ساعات العمل حملت صديقي معي حيث مأمن له ثم أخذت الطريق إلى منزلي وجهتي ، وودت أنى عند ذهابي إلى ما احبهم ويحبوني أن ترتفع ما بي من هموم وحيرة لتلقى مالها من النسيان فتنزل عن ظهري لتلقى مصيرها من التيه.

اقف ملياً قبل أن أضع المفتاح في باب منزلي فاسمع صوت زوجتي وهى تداعب طفلتي بلحنها الخاص فابتسم ابتسامة خفيفة ، ثم دفعت بنفسي إلى الداخل لم تشعر هي بدخولي فلم ألقى السلام لأسمعها غير محتاطة بي منشغلة بإطعام ابنتي الجميلة ولكم احب هذه الكلمة(ابنتي) ، فقد ارددها مراراً وتكراراً لأشعر بالسعادة التي تضمنها وما أسعد لحظات حياتي عندما تنطق هي كلمة (بابا) متلعثمة في القول تختفي الحروف وراء الحروف ليظهر ثغرها ولا يتبين غير المعنى .

نامت الصغيرة وخرجت زوجتي فرأتني فانفرجت أساريرها وبان ثغرها لينشق عن طهارة وصفاء لكم احسدها عليهما ثم وضعت شفتيها على خدي لتقبلني فسألتها عن ابنتي فأخبرتني أنها نامت.

سألتني هل اعد لك الطعام ؟ فامتنعت عن الجواب فسألتني ما بي ؟ فأخبرتها أن ثمة أمر في العمل يؤرقني ، ولكنها تعلم انه ليس العمل وأنا اعلم أنها تعرف ، إلا أنني لا أستطيع البوح بهذا في أول الأمر كي لا احملها من الأثقال ما يرهق عاتقها فما أن يستقيم الأمر وهو عادة لا يطول حتى أروى لها فتأخذ هي الأمر بجملته ولا يرهقها تفاصيله.

أرادت هي مداعبتي وملاطفتي تريد رفع الهم الذي يلاحقني وأنا بين يديها حاولت هي خلط أنفاسها بأنفاسي لتذوب مرارة الهم والحيرة بين اصطدام الأنفاس وتحت ثنايا عبيرها إلا أن أنفاسها كانت تلهث ورائي فما استطاعت اللحاق بي وأنا اسمع وقعها يدب في آخر ممر يوصل الأمر بعقلي وقلبي فيئن قلبي لكل محاولات الإنقاذ التي لا تلقى منى أيدي لتعيد الفارس إلى وطنه غانماًً سالماً.

ابتسمت هي ابتسامة خفيفة ثم قامت على صوت الطفلة النائمة في خدرها وقد استيقظت أردت أن أقوم فاحتضنها ولكنى خفت أن تشعر الطفلة بما في صدر أبيها فتنزعج منه وهى ما تلبث أن تقابل حياة هي لها بأسرها .

أخذت أنا الحيرة أمامي تقودني لا اعلم إلى أين أمشى واضرب بأنفاسي عرض كل حائط أقابله ، ركبت سيارتي خرجت في الطرقات بين ضجيج السيارات وبين اختلاط الأضواء تتحرك السيارة خطوة إلى الأمام وتقابلها خطوة من الخلف ،
ما كل هذا الصراع الذي أراه الآن هل هذا ما اعتدته ، أم هي تلك الحالة التي اشعر بها هي ما جعلتني مترقب لكل ما يثير الضجيج حولي .

وقفت بالسيارة حيث أرى أي ماء مجمع ساكن لاقف أمامه مبتعداً عن هذا الصراع الذي بداخلي ومن حولي .


كان وقوفي على جسر تحته ماء يجرى لكنه أشبه بالساكن طال نظري إلى الماء المار من تحت هذا الجسر
نظرت من فوقى وعن يميني ويساري فما رأيت غير لونين فقط السواد يعم الدنيا واختراقات البياض بين النجوم والقمر ، (أهكذا هي الدنيا ببساطة لونين ابيض واسود ) وهذا كان عنوان قد رمته الوقفة في ذهني ، فبين اللونين تكون المتشابهات الغير واضحة و لا يخلوا منها أي إنسان.

جلست أفكر كثيراً بين اكثر الأشياء في الدنيا قرابة إلى اللون الأسود وبين أكثرها ميولا إلى اللون الأبيض ، فرايتهما ينتصفان فما من اسود إلا ويقابله ابيض وكذلك العكس.

أخذني النعاس معه لدقائق ، فما استيقظت حتى بدا النهار يتسلل من بين كل ثغرة يراها في الليل ، وبدأت الشمس تشق عن جبينها سبل الرفعة والعلو هربت النجوم تحت اثر ظهورها وبات الأمر بالأمس وهذا كان بداية فجر يوم جديد.

حيينها أدركت أن الأمر ما بات أن ينجلي وما أن تطلع الشمس حتى يغيب الأسود المقيت الذي كان رافعاً شعاره ليحيط بالدنيا من حولنا ، وتغيب ستائر الموت البيضاء وتظهر كل الألوان متداخلة بين الجمال الذي يزينها وبين حقائق الأقوال والفعال وفى التداخل جمال لا يعدله جمال .

شعرت حيينها بان الفجر قد تسلل ليخرج ظلمة ما في صدري وان الشمس قد رفعت كل الستائر التي غيبتني .

أسرعت حيينها احتضن بأنفاسي كل نسمة صبح اقبلها لأذهب إلى من تركتهم بالأمس في حيرة من أمري ها أنا متشوق لأسمع لحن حبيبتي الخاص وهى تلاعب طفلتي حيث مأمنها من كل الأرض ،

طرقت الباب وقد نسيت المفاتيح بالبارحة فاستقبلتني زوجتي فارتميت بين أحضانها لتضع يدها على رأسي ملامسة كل فراغ يتخلل شعري
تضرب بهذا كل هوىً يدب في قلبي لتستميله إليها ، ذهبت إلى طفلتي في مخدعها فحملهتا وقبلتها فما زالت الدنيا تلطمني على وجهي وها أنا الآن بين حبيبتي وابنتي وهذا هو العدل الذي أراه في حياتي واضحا .

ها انا الان وقد عدت فما بداية يوم الا نهاية يوم مضى وما الدنيا الا بمنقضية على كل حال فلما الحيرة ولما الخداع
اذ ان كل حياة تتعادل بما يزنها من اعمال.ً


،،،،،،،،،،،،،،،،،،ــ والسلام،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،


الأحد، ديسمبر ١٠، ٢٠٠٦

بين القبض والبسط

بين القبض والبسط


مستغرقاً في النوم استيقظ كعادتي على رنة تليفوني ، اسمع الرنة اعرفها جيداً فلكم تسعدني ، فكثيراً ما أكون حزيناً شارداً بذهني ثم التقط التليفون لأسمعها مراراً وتكراراً حتى يهدأ بالى .

سمعت الصوت وأنا في غمرات النعاس اشعر به يتدفق في أحلامي خارجاً بي إلى عالم الحقيقة ، أتدبر الصوت اشعر ، بثكنات الأنفاس ، هناك من يبعث هذا الشعور بداخلي فحقاً لي به السعادة .

يأخذ الكلام مجراه المعتاد تارة ثم يتحول إلى مجراه الأخر الطبيعي تارة ، ولكن بعضنا قد ينكره وهو واقع الأمر والمجتمع والناس وحالنا فبها كجزء منها .

أخذت أفكر كثيراً كيف تكون حالنا بين القبض في الكلام وبين البسط فيه بعدها انتهت المكالمة.

لم ينتهي الأمر عندي بل أخذت أفكر في الحياة على مجملها نعيشها بين القبض والبسط يأخذني الحديث على طاولته ويثير حفيظتي لأنقل معه أطرافه يميناً ويساراً حيث أرى القبض في أول الطاولة ماطاً شفتيه والبسط في آخرها وقد انفرجت أساريره .

قد يعترينا في حياتنا شعور بالقبض لا نعرف مصدره ولكن قلً ما يأتينا الشعور بالبسط إلا إذا عرفنا مصدره فهناك حقاً بين كلاهما غير انهما نقيضين تنوع الحال الذي يسبق الإحساس بهما .

في الإقدام على أي الأمور نرى القبض والبسط ، نراه في الانسحاب ، في الحب نراه وفى الكره نراه ، نراهما بين الشعور وبين الواقع الملموس ، كيف يتخلل هذا الشعور بداخلنا دون أن ندرى وهل هو قائد بنا إلى الإمام ؟

الحقيقة أنى لا أرى في الأمر تقييماً بقدر ما أراه مبعث للتأمل فيما يدور من حولنا ، وقد يساعدنا فهم هذا الأمر على تحليل ما يدور في عالمنا ومتعلقٌ بأشخاصنا .

اذهب إلى عملي صباحاً فإما قبض في الذهاب و إما بسط ، عائد أدراجي إلى بيتي فإما قبض و إما بسط ، كل ما هو كائن من حولنا ونقوم به بأنفسنا فنحن فيه بين القبض والبسط.

قد يظن البعض منا أننا آلة تتحرك بحسب ما يمليه علينا الواجب و الضروري ولكننا حقاً ليس كذلك بل أن كل فرد منا يمثل مؤسسة كاملة تتحرك بين مجتمع يصب عمله في محيط الحياة حيث يلتقي بمن هو مثله أو ليس بمثله لتتم الحياة ويكمل اعمار الأرض .

عندئذ أستطيع القول بان هناك مشاعر قد تغلب المرء وتؤثر في قيامه بأعماله أو في اعظم الأمور في حياته وبين كل هذا أرى القبض والبسط يتجليان إلى بأنهما أول المشاعر وقوعاً.

خلاصة ما أود قوله .

أن القبض والبسط ليس إلا شعور ، مسبقٌ هذا الشعور إما بتجربة يحكم المرء من خلالها أو مجرد أحداث مرت على الإنسان ليس لها علاقة بما نحن في صدد الحديث عنه أو قولاً أو فعلاً .

أما كونه قائدٌ بنا إلى الأمام أو عائدٌ بنا إلى ما وراء الحقيقة إذا استسلمنا له ؟؟

فلكل منا عقل هو مستند به فلا تشاؤم إن جاء القبض ولا مطلق التفاؤل إن جاء البسط ففي الدنيا الكثير ليرمى بنا إلى ما لا نعلمه ومن الأرض متكئٌ لنا ومن السماء يأتي الغيث ومن القلوب تأتى المشاعر ومن العقول التدبر والتفكر.



،،،،،،،،،،،،،،،،، والسلام